5 يونيو 2021

أن تُأخَذ المخيلة الروائية على محمل الجد

أن تُأخَذ المخيلة الروائية على محمل الجد


الكتابة عند سلمان رشدي.. قريبًا من التجريب بعيدًا عن الذاتية
____


ماذا لو كان سلمان رشدي كاتبًا عاديًا مثل أي شخص آخر؟ هل كان تأويل نصوصه سيختلف؟

يبدو من السخافة قول ذلك، لكن على الرغم من كل شيء، عندما يفتح القاريء أحد كتبه، فمن الصعب عليه فصل التفكير عن الفتوى الصادرة ضده منذ 14 فبراير 1989. تلك التجربة التي رواها تفصيلًا عام 2001، وكان لها أثرها في خلفيات أعماله وتأويل نصه السردي بعد ذلك، وأشيع بأن عنوان روايته "جوزيف أنطون" الصادرة في 2012 هو اسم مستعار له شخصيًا، إلى جانب كونه إشارة إلى اختصارات لأسماء الأدباء: "كونراد و تشيخوف". السرد الذاتي (بصوت الشخص الثالث) الذي يكشف فيه عن حياته اليومية داخل أحداث الرواية، قد يبدو بالتأكيد فوضويًا: مخاوف أمنية، جنون العظمة السائد حوله، انتكاسات عاطفية، رحلات محمومة، معانٍ خفية غير منتظمة، لقاءات استثنائية، ضغط سياسي أو دعم، إلخ. يأتي الأمر أبعد من صراع هدر الدماء أو الرمز لحرية التعبير، تبدو هذه السيرة الذاتية، أكثر تصورية مما يبدو، وتؤكد الجرأة الأدبية للمؤلف الذي يسعى باستمرار للتجديد، وأمام حصر رؤيتها في نطاق الذاتية من قبل بعض النقاد والقراء رغم كونها عملًا روائيًا بالأصل، فهي تستحق أن تقرأ روائيًا أيضًا لجودة النص حتى كسيرة ذاتية خالصة.

سلمان رشدي هو روائي بريطاني وُلد في الهند بمدينة مومباي، درس في المدرسة التبشيرية الإنجليزية، وأكمل دراسته للتاريخ في جامعة كنج لونج بمدينة كامبردج البريطانية وتخرج عام 1981. عمل قبل أن يتفرغ لكتابة الأدب لدى وكالات الإعلان مثل وكالة أوجلفي ووكالة ماثر وآير باركر. صدرت رواية سلمان رشدي “أطفال منتصف الليل” عام 1981، في لندن، وهي أولى خطوات توثيق بصمته الأدبية المميزة، تحكي الرواية عن رحلة الهند على مدى 60 سنة من الانتداب البريطاني مرورا بالاستقلال وحتى الانقسام. تم تعريب الرواية للمرة الأولى في دمشق. كما أنها حصلت على عدد من الجوائز العالمية كان أهمها جائزة البوكر بالإضافة لجائزة البوكر التي تمنح لأفضل رواية على مدى سنوات ، كما تم إدراجها على قائمة البي بي سي لأكثر الكتب قراءة، عدا عن إدراجها على لائحة أفضل روايات القرن العشرين. وحاز على جائزة "ويتبيرد" عن أشهر رواياته "آيات شيطانية" في عام 1988 التي أحدثت ضجة في العالم الإسلامي لإعتبارها إهانة لشخص رسول الإسلام. وأصبحت موضوع فتوى لآية الله الخميني منذ 14 فبراير 1989 بإهدار دمه، وفي أعقاب الفتوى بإهدار دمه نجا الروائي سلمان رشدي من محاولة اغتيال عام 1993، بواسطة كتاب مفخخ، حاول متطرف تمريره إلى جناحه في الفندق الذي كان يقيم به.

عاش سلمان رشدي، المولود في التاسع عشر من يونيو عام 1947، حياة عريضة كما يجب أن يحياها من هو مثله، روائي مثير للجدل، وكاتب ناجح بأعمال ملهمة، وحاصد للجوائز العالمية الهامة، يظهر في أعماله حس الكاتب المستند إلى خلفياته الذاتية  بشكل فانتازي، أسلوبه السردي يقوم على المزج بين الأسطورة والخيال مع الحياة الحقيقية، فيما يسمى بالواقعية السحرية. أصبح سريعًا رمزًا للنضال من أجل حرية التعبير وضد الظلامية الدينية في السنوات الأخيرة. 

خلال مقابلته مع "بابتيست ليجر" محرر المجلة الفرنسية "لير"، يتحدث عن رؤيته ككاتب وتطور كتاباته، وذائقته الأدبية، وضرورة فصل الكتابة الروائية عن السيرة الذاتية، وهو الالتباس الغالب على نهج السرد في مشواره الأدبي:


ماذا كانت كتبك المفضلة خلال الطفولة والمراهقة؟

من ناحية، كان الضجر قد أصابني من جميع الحكايات التقليدية. ومن ناحية أخرى، من خلال ما توفر أمامي من الأدب البريطاني المصرح به في الهند، وجدت عوالمًا أخرى. أتذكر كم كنت متأثرًا ب"لويس كارول" في "أليس في بلاد العجائب" - وهو مؤلف لطالما لمسني بشكل خاص - وكتابة "روديارد كيبلينغ"، وخاصة "كتاب الأدغال". وعند وصولي إلى إنجلترا، صُدمت عندما اكتشفت قدر ما لم أعرفه من أدب الخيال، وصادفت عناوين مميزة مثل رائعة "سيد الخواتم" ثم ذهبت بحرية مع أدب الفانتازيا المتاح أمامي. صار الأمر مثل الإدمان على المخدرات بالنسبة لي!


بتلك المناسبة، كانت روايتك الأولى، "غريموس"، تنتمي لكتابة الخيال العلمي، أليس كذلك؟

كنت مجرد مبتدئًا حينها. بالنسبة لغريموس، كان عمري بين 25 و 26 عامًا. وقد حاولت أن أصنع نوع من المزج بين الغرابة والخيال، من خلال تنقيح بعض الأساطير العزيزة عليّ. وبالفعل في ذلك الوقت كنت مهتمًا بفكرة بناء الجسور بين الثقافات. أيضا، محور هذه الرواية هو قصة السعي - شكل السرد الذي فتنَني دائمًا، مثل حكايات السعي للكأس المقدسة، أنا مغرم بتيمة البحث والسعي في الحكاية. وأخيرًا، إنه عمل أضعه الآن بعيدًا جدًا كمرجع لتطور أسلوبي ووعيي في قائمة كتاباتي. إذا بدأت في قراءته مرة أخرى اليوم، فهناك فقرات يمكنني أن أتعرف على نفسي فيها، ثم ستكون هناك صفحات حيث لن أتمكن من العثور حتى على أثر يدي. هكذا يحدث أن علاقتي بالأدب تتغير كثيراً على مر السنين.


نلاحظ أحيانًا تحمسك للثقافة الشعبية. وكان لموسيقى الروك مكانًا أيضًا في قلب عالم رواية "الأرض تحت قدميها". ماذا يعني التذوق الشعبي للمؤلف؟

لطالما اعتقدت أن الأدب يتكلم دائمًا عن عالمنا اليوم. ببساطة لأن المؤلف يعيش هناك، ثم يعيد تحويل الزمن، في طريق غير مباشر أو مجازي، ليسرد حكايته، ويظل هو الوقت الذي يعيش فيه.

أنا لا أحب فقط معرفة ما يدور في أذهان الناس، ولكن أيضًا معرفة لحن اللحظة التي يريدون الدوران فيها، البرنامج التلفزيوني الذي كانوا يشاهدونه في اليوم السابق أو الملابس التي سوف يرتدونها في اليوم التالي. كل هذا هو العالم الحديث والمحيط بنا، وعندما يكون المرء كاتبًا، يجب أن يعرف من هم معاصريه، أن يتابع كل شيء عنهم، حتى في أدق التفاصيل. "الأرض تحت قدميها"، كانت فرصة مناسبة بالنسبة لي لاستحضار تلك الموسيقى التي استمعت إليها عندما كنت طفلا، في بومباي، خلال 1950، حيث مسيرات الاحتجاج، تسجيلات ألفيس بريسلي، في ومضات قصيرة كأنها جاءت من مكان آخر. كانت أول مظاهر عولمة الثقافة الشعبية حينها، تمثل إعصارًا حداثيًا لكوكب الأرض بأكمله. من الصعب الآن إدراك ماذا كان يعني كل هذا حينها، في حين يمكنك الآن نشر فيديو على الإنترنت خلال خمس دقائق ويمكن لأي شخص رؤيته في أي مكان في العالم.


متى قررت أن تصبح كاتبًا؟

أخبرني والداي أنني في سن مبكرة جدًا قلت لهم إنني سأصبح كاتبًا مشهورًا. ليس لدي أي ذكرى عن ذلك الآن، لكنني أصدقهم. الكتابة ظلت هاجسًا يطاردني، حتى لو لم أكن أدرك ما يعنيه حقًا. بعد تخرجي، قمت بكتابة الكثير من الأشياء، لكني لم أحصل على نتيجة نهائية. حتى أنني تركت قصة كاملة خلفي بسهولة من البدايات، ولم أحاول العودة لها أبدًا. أيضًا، كان لدي مشكلة مع هويتي، وربما هذا هو السبب في كتابتي "أطفال منتصف الليل". كنت بحاجة للعثور على ذاكرة الهند التي كنت أعرفها، والتي كانت جزءًا مني، بينما افترضت مجازيًا من كنت حينها، وأين كنت أعيش. اضطررت إلى العودة إلى طفولتي والقيام بمهمة تذكارية. ثم بدا من الواضح، بشكل تدريجي، أن المشروع بدأ يأخذ اتجاهات أخرى وطموحًا آخر.


عندما تم إصداره في عام 1981، تلقى "أطفال منتصف الليل" استقبالًا نقديا وجماهيريا واسعًا. حتى أنك حصلت على جائزة البوكر عن الرواية، ثم لاحقًا حصلت على جائزة أفضل بوكر في الأربعين سنة الأخيرة! هل ذلك التحمس المرافق لبداياتك خلصك من الرغبة في الاعتراف؟ هل منحك هذا حرية أكبر في بقية مشوارك الأدبي؟

يمكن القول بأنه كان نوعًا من التحقق في مشواري ككاتب. حيث جعلني قادرًا على المثابرة وقتل كل الشكوك في داخلي. شعرت بأنني اخترت الطريق الصحيح وقد أتمكن حتى من العيش على قلمي. بحلول الوقت الذي انتهيت فيه من "أطفال منتصف الليل" بدا لي أنني قمت بعمل صادق، وأن المهمة قد تمت، لكني لم أكن أعرف حقًا ما قيمة هذا النص بالتحديد، وكيف يمكن أن يدركه الناس.

طمأنتني المراجعات الأولى، فضلا عن عوائد بيع الطبعات الأولى. كنت قد نجحت بالفعل على ذلك النحو. وما تلى ذلك كان مجرد مكافأة، إذا جاز التعبير. والمكافآت الرسمية دائمًا لطيفة. أيضًا، بعد الإصدار البريطاني، كنت قلقًا بشأن كيفية استضافة الكتاب في الهند. ولحسن الحظ، سارت الأمور بشكل جيد كذلك، واستطعت أن أحقق نجاح مدوّ!


لقد نشرت جوزيف أنطون، مقدمًا العمل كرواية، بعد أن بدا في إخراجه كسيرة ذاتية. ومع ذلك، وفقًا لبعض منظري الأدب، فإن الرواية هي دائمًا سيرة ذاتية مخفية. ماذا تعتقد بشأن ذلك؟

أنا لا أشاركهم وجهة النظر تلك على الإطلاق. في "عوليس" على سبيل المثال، "جيمس جويس" ليس هو "عوليس"، على الرغم من أنه يشبهه كثيرًا. ومارسيل في "البحث عن الزمن المفقود" ليس تمامًا "بروست"، من المسلّم به أننا نعرض جانبًا من أنفسنا دائمًا في شخصياتنا، وسلوكهم هو بالضرورة من صياغتنا. لكنهم ليسوا بالضرورة نحن. مثالًا على ذلك، الأسرة التي قمت بوصفها في "أطفال منتصف الليل" كانت في الأصل لي، - الجد، العم، هيكلتها تنتمي لي -. وكل شيء تغير أثناء كتابة الرواية. الراوي صار مختلفًا تمامًا عني! وبالنسبة إلى "جوزيف أنطون"، فإن هذا النهج الروائي ليس له أي علاقة بتلك النظريات عن خلط السيرة بالرواية.


إنها في النهاية إذن ليست سيرة ذاتية تقليدية. يبدو أنك تلعب مع غموض الأنا، وتعطينا المناسبة المرغوبة، في نهاية الجملة السردية، وتحتفظ بمفاتيح النص الخاص بك. إذا هل يمكن أن نقرأ "جوزيف أنطون" على أنها انعكاس روائي لكيفية "تخيل" الكاتب لحياته؟

إطلاقًا. إنه عمدًا كتاب أكثر تعقيدًا مما يبدو. وتلك الرواية ليست فقط نافذة سلمان رشدي ليخبرك عن حياته! لقد حاولت خلط ثلاثة نماذج مميزة للغاية في كتابتها: المذكرات والوثيقة الخيالية وصورة الذات - ليس فقط عني، ولكن أيضًا عن حقبة زمنية بأكملها، أعود إليها. أنا أحب فكرة استعادة الكثير من الذاكرة الإنسانية في تقنيات الرواية - خاصة فيما يتعلق بتوصيف الأشخاص أو الشخصيات - وفي هذا السياق النهاية مختلفة تمامًا.


إذن يمكنك اقتباس الكثير من الشخصيات الشهيرة مجازيًا. هل تكون لعبة صغيرة من "إسقاط الأسماء"؟

أفهم أنك قد تعتقد ذلك، ولكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. حدث أنني التقيت بالعديد من الأشخاص المعروفين بالفعل، وبالنسبة لبعضهم، فقد أصبحوا أصدقاءًا أو ساعدوني في لحظات مهمة من حياتي. وعلى ذلك اكتسبت صفاتهم بعدًا في وعيي السردي.


عند النظر إلى غلاف كتابك "جوزيف أنطون"، قد يتكون لدينا شك حول طبيعة ذلك الكتاب. حجم الخط والخط هو نفسه بالنسبة للعنوان واسم المؤلف، لذلك فمن المشكوك فيه ما إذا كانت سيرة ذاتية لسلمان رشدي بعنوان جوزيف أنطون، أو رواية لجوزيف أنطون عن سلمان رشدي.

خاصة وأن جوزيف أنطون يعتلي قمة الغلاف! يبدو الأمر طريفًا، كان ذلك التنسيق اختيارًا تطوعيًا تمامًا، والأفضل من ذلك، أنه حتى أحد أسباب اختيار العنوان. أردت أن أعرّض القاريء على الفور لجانبه الشيزوفريني.


قد يستعيد العنوان ذكرى بعض روايات القرن التاسع عشر، مثل "جين آير"، "ديفيد كوبرفيلد" أو "أوجيني غراندي". أليس كذلك؟

من المثير للاهتمام أن تتحدث معي عن "أوجيني غراندي"، لأنها الرواية التي رافقتني أثناء كتابة فيلم "الجنون"، قبل بضع سنوات. لكنك كما أرى تقارنني ببلزاك؟ لذلك أعتبر أنني لم أخسر جائزة يومي بالتأكيد!، خاصة وأن الاسم المستعار الذي اخترته هنا أيضًا هو إشارة مستترة لكاتبين عزيزين عليّ: "جوزيف كونراد" و"أنطون تشيخوف".


من بين الكتاب المعاصرين، من تراه ينعم بالموهبة الواضحة؟

هناك دائرة بريطانية أدبية قد تتضح بأكملها، حيث نجد أشخاصًا مثل "إيان ماكيوان، مارتن أميس، كازو إيشيجورو أو أنجيلا كارتر". كيف لا نقدرهم صراحة؟ هناك أيضًا مواهب من الجيل الحديث، مثل "ديفيد ميتشل". كتابه "سحابة أطلس" مدهش حقًا! ولكن لدي ولع خاص بجميع كتاب أمريكا الشمالية من الأصول المهاجرة، الذين حملوا في لغتهم أصولهم المهاجرة وتقاليدهم بعد الموجات اليهودية أو الإيطالية وتأثروا بها. من الضروري قراءة شخص مثل "جونو دياز" أو "تشانغ-لي"على سبيل المثال.


ما رأيك في تعبير "الأدب العالمي" لتحديد بعض هؤلاء المؤلفين، على وجه التحديد؟

إنه تعبير غبي. هناك فقط روايات جيدة وأخرى سيئة.


هل لديك شعور بالتطور في كتاباتك؟

بالتأكيد. لكنه ليس،على عكس ما قد يعتقده المرء، بسبب الصدى أو الذائقة. تبدأ الكتابة في مكان معين، ثم تسافر، وتذهب إلى لغات أخرى، ولا تنتهي الرحلة. لذلك نحن نتغير وكتاباتنا أيضًا. في البداية، كنت بحاجة إلى إدخال "الطابع الهندسي" على نصوصي - فالموضوع فرض نفسه في "أطفال منتصف الليل". لكنني أدركت أنها مجرد أداة، وسيلة ما. لذلك اضطررت للتوقف ووجدت ملجأ عفويًا في الألعاب السحرية والكتابة المفرطة. وانتقلت إلى مدار آخر. لذلك "الآيات الشيطانية" ليست في وضع مقارنة مع "شاليمار المهرّج"! أخيراً، أعتقد أنني لا أريد أن أكرر نفسي بشكل عام، للقيام بنفس التجربة في كل عمل، حتى لو كان من الواضح أن الأمر قد يكون له سحره.


كيف تدخل في كتابة رواية؟

أبدأ دائمًا بأخذ الكثير من الملاحظات وجمع الكثير من الوثائق عن مادتي. وبفضل ذلك، أبدأ بتوضيح الفكرة العامة للكتاب. ثم ينبغي بعد ذلك أن يكون لدي بنية عامة من السرد ودقيقة إلى حد ما، بالرغم من أنني أعلم جيدًا، منذ البداية، أنه قد يكون هناك العديد من الاضطرابات والتحولات. وعلى مدار الكتابة، بعض الشخصيات التي اعتقدت أنها ثانوية قد تأخذ دورًا أكثر أهمية، والمكائد الفرعية التي تبدو غير ذات صلة ربما تصبح هامة جدا - والعكس بالعكس. أيضًا، أستطيع أن أفهم بعض أبطالي بشكل أفضل، وأبدأ في اكتشاف أشياءً عنهم ربما لم أكن لأتخيلها، وأن أغير طريقتي في رؤيتهم. الأدب هو تحول دائم. وهذا ما أحبه كثيرًا بخصوصه.


قمت باقتباس ذاكرة النص الشكسبيري كرسالة إنجيلية في خلفية "جوزيف أنطون". فما هو تأثير المسرح على حياتك؟

ربما في الوقت نفسه الذي كنت أفكر فيه في أن أصبح كاتبًا، كنت أرغب في أن أصبح ممثلًا. في الجامعة ظننت أنني سأحصل بسرعة على مهنة الفنان الكوميدي وكنت قريبًا جدًا من جميع شركات المسرح في كامبريدج. حسنًا، في نظرة إلى الماضي، أرى أن ذلك كان خطئًا فادحًا سيقع، ومجرد فكرة سيئة!

وجديًا أعتقد أن طريقتي في رسم مشهد، تأثرت كثيرًا بالكتابة الدرامية. عند مشاهدة اللحظة الروائية، في "جوزيف أنطون" مثلًا، حيث أذهب لأول مرة خلال مطار نيويورك! أتى ذلك المزيج من المأساوية والكوميدية على وجه التحديد من ذكريات شكسبير. ولأشرح أكثر: المؤلفون الأنجلوسكسونيون مدينون له بشمعة عرفان. لقد علّمنا أن نقوم بتفكيك السجلات،الأنواع، الانفعالات: القصة قد تكون كل ذلك: قصة رعب ووثيقة سياسية ومأساة وقصة حب وكوميديا!


ما الكتب التي ستختارها لعزلتك في جزيرة صحراوية؟

أعتقد أنني إذا ذهبت إلى جزيرة صحراوية، فسأصطحب معي كتابًا واحدًا فقط. بالطبع سيكون هناك الكثير الذي يجب أن نأخذه. لكن دعني أختر كتابًا واحدًا، بقدر ما هو سميك فهو رائع، لأن من الضروري أن تشغل أيامك جيدًا هناك، وليس أفضل من الهروب عبر الكلمات. لذا وبدون تردد اخترت "ألف ليلة وليلة"! إنه كتاب يحتوي على حكايات كافية لحفظ ألف كتاب في مجلد واحد. ومبدأها هو مقاومة الوقت عبر الحكايات التي تتبع بعضها بعضًا من أجل إبقاء القارئ منشغلًا ومندهشًا، حيث مرارًا وتكرارًا. تحكي شهرزاد قصة من التاريخ لأنها فرصتها الوحيدة للهروب من الموت. إنه في رأيي، جزء من مجازية وجود رجل في جزيرة صحراوية، يكافح مصيره.


وموضع الشعر من ذائقتك؟

أنا أقرأ الشعر يوميًا تقريبًا. الشعر يحفز أي كاتب للنثر على الكتابة، ويذكره بأن عليه أن يعتني باللغة، حتى لو كان من الضروري أيضًا أن يعرف كيف يبتعد عنها أحيانًا. ومن وقت لآخر، عليك أن تكتب جملة مثل: "فجأة يقرع شخص ما على الباب"!