7 مايو 2019

عن الكاتب القنفذ والكاتب الثعلب



 كتبت ماريا بوبوفا
ترجمة: أسماء حسين

حدد عزرا باوند من قبل ستة أنواع من الشخصيات الأدبية. بينما أدرجت سوزان سونتاغ أربعة صور لما يجب أن يكون عليه الكاتب العظيم. بالنسبة لإيتالو كالفينو، كل كاتب يصنف واحدًا من اثنين وفقًا لأنواع الكتابة. 

من كتاب إيتالو كالفينو: الرسائل، الصادر خلال 1941-1985 –نفس المرجع الذي أتاح مشورات كالفينو حول الكتابة، تأملاته القديمة حول الإخفاق وجوهر الحياة، أفكاره حول أمريكا، كيفية إثبات النفس، وكيفية خفض “القابلية للقلق” – يأتي تصنيف الكاتب الشهير للمزاجات الكتابية.


 وفي رده على الناقد الأدبي “جيدو آلمانسي” في عام 1978 تعليقًا على مقالة كتبها “إيسياه برلين” بعنوان “الثعلب يعرف أشياء كثيرة، لكن القنفذ يعرف شيئًا واحدًا كبيرًا” معتمدًا في عنوانه على بيت منسوب إلى الشاعـر الإغريقي آركيلوكوس – كتب كالفينو البالغ من العمر 55 عاما:

 “ثنائية الثعلب-القنفذ من شأنها أن تقودني إلى تصنيفات مختلفة تمامًا عن خاصتكم. إذا كان القنفذ هو الكاتب الذي لديه نسق مفاهيم موحد نمطي مستقر لا يتزعزع، في حين أن الثعلب مرنًا يطوع استراتيجيته متكيفًا مع الظروف، يكون “الروائي والصحفي الإيطالي ألبرتو مورافيا” على سبيل المثال هو قنفذ حيث يتسق عن كثب مع نفسه أيا كان ما يكتبه، سواء من حيث حالته الشِعرية أو رؤيته للعالم. في حين أنني أغير طريقتي ومجالي ومرجعيتي من كتاب إلى كتاب لأنني لا يمكن أبدًا أن أفكر في نفس الشيء مرتين على التوالي، لذلك أنا ثعلب، على الرغم من أنني أحلم بأن أصير قنفذًا في كل أحلامي، وعلى الرغم من أنني أحاول كتابة أدب القنفذ وهذا إن كنت تأخذ كل عمل منهم على حدة.
بينما “المخرج والكاتب والشاعر باولو باسوليني” هو ثعلب، نعم، لأنه يتبنى استراتيجيات مرنة مختلفة للكتابة، (روايات واقعية مكتوبة باللهجة الدارجة وقصائد تحمل روح البلاغة الكلاسيكية)، لكنه أيضًا قنفذ (وليس ثعلبًا خالصًا)، لأنه في كل تجسيداته المختلفة لعالمه من المفاهيم يكتب من جوهره الأساسي وغير القابل للتغيير.

ويبدو لي أن تصنيفك يميل بهذا إلى التأرجح على طول محور الانبساط والانطواء، وفي رأيي هذا خارج عن فكرة التصنيف.” 

مشيرًا إلى أن تصنيف الشعراء يشكل تحديًا من نوع خاص، يضيف كالفينو أن ثنائية الثعلب-القنفذ لا تصلح مع جميع الخلفيات الأدبية، وخاصة بالنسبة للأدب الإيطالي في ذلك الوقت: 

أقع تحت إغراء تعريف “القنفذية” بأنها محدودية النسق المستخدم للكتابة، (والتي يمكنها أيضًا أن تكون قوة، لأنها تعكس انغماسًا في طبيعة المرء الخاصة)، والنظر إلى التجريب باعتباره مثال على “الثعلبية”، (والتي يمكنها أن تكون مدفوعة بقلق خطير).
 ولكن ربما تلك ليست هي الطريقة المناسبة لفهم نظرية برلين – حيث يصلح تصنيفه للكلاسيكيات العظيمة، ولتعريف فئات الإبداع وليس وضع حدوده. وعليه:

 القنفذ يجب أن يعرف “شيئًا واحدًا كبيرًا”..
والثعلب يأتي تصنيفه وفق التنوع الشكسبيري في النظر للعالم.”


 المرجع: إيتالو كالفينو: الرسائل، 1941-1985، لمحة حميمة عن أحد أكثر العقول البارزة في التاريخ الإبداعي

نشرت في:
-
http://www.takweeen.com/?p=9874
-
https://takweenkw.com/blog/1608/single