26 أبريل 2021

أطياف جوليا أورموند

 عندما رأيت جوليا أورموند للمرة الأولى في طفولتي، ظهرت كأعذب جمال رأيته يوماً كطفلة، يمامة بشرية ساحرة تتهادى أمام شون كونري وريتشارد جير في فيلم "الفارس الأول"، كان ظهورها دائماً أقرب ما ينطبق عليه عبارة تصفها من فيلم آخر، هو فيلمي المفضل دائماً "أساطير الخريف" حيث كانت سوزانا و: (كانت كالماء الذي ينساب ويشق الصخر بنعومته وقوته معاً، حتى يفتته، دون أن يكون لها يد في ذلك. لم يكن خطأها أبداً في سطوة روحها وجمالها).

كان حضور جوليا فريداً ودافئاً دائماً، تملك تناقض غني وجميل، كفتاة هشة وقوية معاً، جمالها خلاب وهاديء في آن، تملك ذلك الجمال الذي أحبه: مريح، دافيء، هاديء، خلاب دون صخب بل يسحبك نحوه ببطء ولا يفلتك بسهولة، يحمل الوداعة والجاذبية معاً، ويحمل الهشاشة والصلابة معاً، بتلك النعومة التي تخفي خلفها قوة فطرية لدكتاتور ناعم، دكتاتور هو امرأة تستطيع أن تكون متكاملة الجمال من الداخل للخارج، دون كمال بشري بالضرورة. 

تكبر جوليا سريعاً، وتظهر عليها آثار الزمن، وربما أسرع مما يجب لمن في سنها ولياقتها، وأكثر وضوحاً مما ينبغي، تظهر مؤخراً لتبدو التجاعيد مفرطة وغائرة تنتشر بكثرة غريبة على وجهها وبشرة جسدها وبشكل يسبق سنها المعتدل بكثير، فهي ليست مسنة بعد ولا تعاني من سبب ما لهذا العجز الظاهري المبكر، فأدرك أن جمالاً فريداً كهذا لم تعتني به جوليا كما يجب للأسف.. أو ربما أساءت رعايته. ويبدو الأمر محزناً قليلاً لكون يد الزمن أسرعت في طمس نضارتها مبكراً هكذا.

لكنها برغم ذلك، ما أن تظهر وتبتسم ابتسامتها الدافئة.. تنساب مجدداً، كالماء الذي يجري ليشق بنعومته قلب الصخور حتى القاسية منها.