12 سبتمبر 2021

لا أؤمن بمن يكتبون الشعر لأجل أي شيء، أو تجاه أي غرض.. الشعر حر، عفوي، يذهب أينما وكيفما شاء، لكنه ليس خطاباً، أو ثوباً مصمماً، وإذا ما أصبح كذلك فقد فسد.. أنا امرأة لا تكتب الشعر لأحد، بل لنفسها وللكون وللشعر ذاته.. ولا أحكي شيئاً فيه سردياً، وإذا ما فعلت فإني أضمنه أشياء أخرى كثيرة لمجرد أنها تتوارد على ذهني حينها.. ولا أعترف بالذاتية التامة، لكني أعترف بالصدق، وذات يوم قلت لحبيبي القديم، والذي كان قصيدة حية بذاته دون كتابة، أنني لا أعترف بمن يكتبون شعراً موجهاً أو ذاتياً بصورة تامة، لأنهم لا يبذلون شيئاً سوى صياغة الفضفضة في لغة، أو التمحور حول ذواتهم، ولا يتناولون غير أنفسهم فقط من كل شعرية الكون ومن كل شئونه.. وبرغم ذلك أنا ضعيفة تجاه الشعر، لا يهمني الزمن أو الحكاية أو الشاعر.. لكني ما أن ألمس قصيدة جيدة ترتعش يدي فوقها.. وعندما أقرأ شيئاً ذاتياً وأفهمه، مرة لأني صرت أفهم من الحياة ما يكفي، ومرة لأني شاعرة وأرى ما في الشعر وما وراءه، وأعرف ما يختبيء وما يعلن بين السطور بدقة، وعند ذلك، فإني قد أتألم.. أتألم أمام الشعر لا أمام الشعراء.. الشعراء هم أكثر الناس قدرة على الكذب، وأكثرهم يملكون صياغة الجمال في موهبتهم لا متأصلاً بالضرورة في أرواحهم.. هذه حقيقة، الحقيقة واجبة، والشاعر الصادق هو فقط الإنسان الصادق في الحياة وعلى أرض واقعه بنفس الصدق في روحه وإنسانيته ونزاهته، وما لم تختبر ذلك بمعرفة حقيقية لن تعرف أبداً، فلا تخدعك القصائد، لأن الكلمات غاباتنا وسحرنا. لكن شاعراَ بلا إنسانية ليس شاعراً حقيقياً.. القصيدة وحدها هي الحقيقية. القصيدة هي الصادقة، مثل الفن الذي يرتقي بأرواح آخرين لكنه لا يغير في الضرورة من صانعه، والذي ربما يملك موهبة صياغة الجمال دون أن يكون جميلاً..

لذلك، أصدق دائماً القصيدة، وليس الشاعر. أصافح الشاعر كعابر في مقهى.. لكن القصيدة التي أحبها تلمس عظام عمودي الفقري حتى يرتعش ثم تدخل إلى بيتها.