11 يناير 2020

أطول خصلة من الليل


هناك أسطورة تقول أن أطول خصلة من شعر امرأة تبقى مكانها حتى تلتف حول أصبع من تحب.. تذكرتها وأنا أمشط الليل الهش الذي تحمله رأسي.
شعري الكثيف يتساقط حولي كقطة تترك من فراءها توقيعًا على مرورها منذ وفاة "ماما"، يقولون بأن شعر المرأة يتساقط يوميًا أصلًا بمعدل مائة شعرة تتبدل بأخرى، إلا أن رأسي يبدل ذاكرته بوضوح مؤخرًا. أزور صديقتي الطبيبة في عيادتها فتسقط على مقعد المكتب خصلتين، واغيب قليلا لاحضار كابوتشينو فأعود لأجدها بانتظاري: "لا أحد يترك شعره على كل شيء خلفه في عيادتي مثلك. عرفت أنك هنا". أتذكر الشعرة التي تساقطت مني على طاولة ذلك المقهى ونحن معًا واحتفظ بها الرجل الذي أحببته، وأفكر بأنها ليست أطول خصلة من شعري، وأن عليه انتزاعها ربما. رأسي تحب الأساطير أكثر من الواقع، لطالما عرفت أمي ذلك. كانت لدى أختي خصلة بيضاء تقول أمي أنها تظهر من الفزع الشديد "الخضة أو الصدمة" وأنها ظهرت بعد حادث صرخت اختي فيه طويلًا من "خضتها"، لم أتذكر أنني صرخت يومًا طوال حياتي سوى أمام جسدها هي تحت الشرشف، ولم أكن طفلة تبكي بصوت عال حتى، بالفعل هناك خصلة بيضاء ناعمة خفية داخل هذا الليل الأسود ظهرت لي خصيصًا بعد وفاة أمي. أمشط شعري على مهل قبل رفعه عن كتفي وأنا أفكر في وجه بعيد أفتقده كثيرًا، وأطمئن إلى أن أطول خصلة من شعري لازالت مكانها كما تقول الأسطورة.