12 أكتوبر 2020

داخل نباتية الكون

الزراعة لا تغير وجه الحياة فقط، بل تغيرك أنت وتقلّب تربتك باستمرار معها. تضيف وتنحت وتقلم من روحك معها. علمتني الزراعة وأنا أنتبه لدروسها ما لم تعلمني العلوم كافة، اللحظات التي أعتني فيها بنباتاتي تغير في الكثير يوماً بيوم.. الزراعة تعلمك الحنان، والحرص، والصبر، الانتباه، والحسم، الهدوء، والذكاء العاطفي المعتدل، تحد من انفعالات لا تلزم، وتدرب النفس على التقبل.. تتعلم الروح مع الري صيغة العطاء العاقل لما يجب وقتما يجب، شكل علاقة النبات بالشمس يشرح المنطقية بين شيء وآخر، الحفر والغرس والتقليب المستمر للتربة يمنح خشونة مؤقتة لليد تجعلها أنضج لكنها تعرف الخلق والحنان معاً. وعند الضرورة تتعلم متى تبتر ساقاً كانت خضراء فيما سبق، أو تدفن غصناً ذابلاً متى لزم الأمر دون تردد أو عجز. الزراعة هي أصل الأشياء، وهي الفعل الأم الذي يحقق فكرة فؤاد حداد عن توازن الروح "إيدك تكون أخشن وقلبك أرق". لا شيء يجعل اليد تقسو والقلب يرق في لحظة واحدة كتقليب تربة بيديك لنبات أخضر.