19 ديسمبر 2015

لا أغار من بوستر


أراد زميلي بالعمل ذات مرة أن يثير غيرتي بنجمة شاشة .. لم يفهم أنني لا أغار من اولئك الجميلات اللواتي يضئن في الظلام ويسطعن على الشاشة .. هؤلاء لا يستطعن إثارة غيرتي مطلقًا رغم انهن جميلات وربما كاملات الأوصاف، لكنّهن لم يتذوقن يومًا الحياة العشوائية الحرة التي نعيشها بعيدًا عن تسلط الكاميرا وتجمهر الآخرين حولنا، انهن مكلفات بأن يضئن هكذا دومًا كالمصابيح وإلا تهشمن حال انطفائهن.
هؤلاء لم يجرّبن يومًا متعة أن تكون عفويًا، خاملًا، مبعثرًا، أو منطفئا ومنهكًا حين تحتاج هذا، لم يجربن حرية الانهيار حين تحتاج أن تستسلم لضعفك وتبكي وتذبل.
لم يجربن حرية أن تكون بشعًا أو شاحبًا وحتى قبيحًا أمام مرآتك أحيانًا، دون أن يستنكر مظهرك أحد، أو يسألك أحدهم صائحًا "من أنت ؟" ويفزع منك لأنك لا تشبه صورك الرائعة القدسية .. لا تتاح لهنّ متعة التغيُّر من حالٍ إلى حال، كأن يستيقظن بشعات ذات يوم .. ويُشعِعن عندما يبتهجن.
هؤلاء لا يعرفن متعة ان تكون ناقصًا ومتغيرًا .. وحرًا.
كيف تغار امرأة من أخرى تفتقر لحريتها، وخصوصيتها، وعفويتها .. تفتقر إلى التجدد والتشكل في حالاتها وأمزجتها.
امرأة يراها الرجل بكل الوجوه من البشاعة إلى الجمال ومن الوهن إلى الصلابة ومن الذبول إلى التوهج، يرى فيها الحياة بكل صورها، ويحبها في كل مرة .. مقارنة بامرأة تظل في عينيه دائمًا هي نفس "البوستر". صالحة للتطلع فقط.
"هل تمزح معي؟!" .. قلت له بابتسامة خاطفة تحمل ما أملك من الثقة، والسخرية: انت تقارن بيني وبين بوستر! انها جميلة وكاملة .. ولكنني ناقصة وحيّة. وخطرة.
لست من تغار من بوستر