5 يوليو 2020

الوقاحة الكبرى

لم أندم على المرات التي كنت فيها جافة وقاسية، ووقحة أحيانا، فلطالما كان هناك سبب قوي لقسوتي مع القساة ولوقاحتي مع الوقحين، ولعقابي العائد في حينه على الأذى.. وأنا إنسان لا يتعامل بسوء أبدا إلا لسبب جلل، ومع أشخاص يستحقونه عن جدارة. دائما لا تصدر قسوتي كفعل بل كرد فعل. في كل مرة اتخذت فيها موقفا قاسيا أو سيئا مع أحدهم كنت أقوم برد الفعل فقط على فعل شنيع وليس الفعل، لأن من يرى الفعل حقه، رد الفعل له هو حقنا.. فكنت أقوم حينها بالصواب مع مستحقيه، وكنت أملك من المبررات والتراكمات ما يؤهل لموقفي. وغالباً بعد صبر طويل على السوء. فلا أخجل ولا أندم، ولا أنتظر معيارا أو مراجعة أو حتى انطباعاً قد يعنيني من أي كان فيما يخصني.  أحيان كثيرة قابلت السوء بمثله في رد فعلي، ولكن ما أحقر من قابل الود والكرم بالسوء في أصل فعله. تلك وقاحة لا علاج لها للأسف من البدء، وهؤلاء لا ندم عليهم. لذلك لا أندم كثيرًا على المرات التي قسوت فيها على من يستحق. ولو خذلت الحنان الذي يعيش في داخلي.

لكن ما أندم عليه حقا، ويشعرني بالخيبة، وإهدار الذات في غير قيمتها وقيمها، هو كل المرات الأخرى التي كنت فيها ودودة ولطيفة وصادقة وطيبة وآمنة الجانب ومتسعة الثقة مع غير الجديرين بالمرة، ممن قابلوا كل ذلك بالصفات الأردأ والنفوس الأكثر رداءة. أو ممن سلبوني قيماً أؤمن بها أو طمأنينة أحملها واستباحوا روحي في عرض رديء أو زائف، أو من استنزفوني تعاطفاً واستغلالاً لأية أغراض رديئة بوجوه ضحايا وهمية. وجعلوني في حرج أمام نفسي دون جرم حقيقي سوى أنني كنت على الجانب الطيب من روحي مع الأشخاص الخطأ. ممن يستحقون الجانب القاسي من أي شيء.

لطالما كانت الوقاحة الكبرى، هي أن تنسى وزن فعلك وتحاسب أي إنسان على ردة فعله. وتتبجح في غير حقك وتصادر حقوق الآخرين.