8 فبراير 2020

..

 يتحدث الغريب عن نفسه دائمًا في ضمير الغائب، يشير إلى نفسه بإصبعه ويقول: هو يريد أن ينام، هو جائع، هو سيغادر، هو حزين جدًا.. إلخ. يفعلها منذ أن نجا من محاولات انتحار متواصلة وصار يشعر بأنه تورط بجثته.

من حينها والغريب لا يستطيع الدخول إلى حياته ذاتها، فقد مفتاحه الصحيح، أو أن المنزل لم يتعرف عليه عند عودته. يدخل الى منزله من الشباك، ويختبيء من أبنائه تحت أسرتهم، ومن زوجته داخل إطارات صور الموتى على الحائط.

وحين يدخل إليها يشعر بألفة أكبر هناك، يشعر بوجوده مرحبًا به ومألوفًا أكثر من الخارج.

لا يحتاج إلى مفتاح يديره في الباب، ولا يختبيء من النظرات والأسئلة واللوم. الموتى أكثر راحة لنا، لا يطاردوننا بالأسئلة، ولا يشقون صدورنا بالكلام الجارح. 

داخل صور الموتى، ارتاح الغريب. فقَد عالمًا مر به، ليعثر على عالمٍ يطمئن عنده.