30 أكتوبر 2018

خيانات الكتابة

تعلمت شيئًا من تمارين الكتابة، على الأقل ربما يخص تجربتي وحدها.. الألوان جميعًا تخون بعضها بعضًا، بينما يتردد الشعر قبل ارتكاب الخيانة. لا يمكنني أن أندمج مع كتابة قصة وأعود بسهولة للنص الذي تركته مجددًا، الشعر يهرب من يدي والقصة تبقي مجازها وحده أمامي. لا يمكنني أن أقرأ رواية وأعود كاملة إلى شخوص قطار القصة، عليّ أن أستغرق وقتًا لأطرد سكان الرواية وأمكنتها من رأسي ومنزلي أولًا. 

لكن الشعر يأخذك كما تصله، ويتركك خارجًا بلا ذاكرة، مهما أمضيت من وقت مع القصيدة يوحي بأنها علقت بك أو غرست جذورها داخلك. تخرج منه كما دخلته، خاليًا وقابلًا للولوج إلى أي شيء. قادرًا على تتبع قصة أو مواصلة رواية. أو عبور مشهدًا.

الشعر لا يخون شيئًا، لأنه لا يستهدف رأسك أصلًا، فلا يشغلك عن استحضار شخوصك أو مواصلة قراءاتك أو مران التنس مع العالم. ويعيدك كما التقطك من على عتبته. إنه يتجه للقلب. هناك تتراكم كل تلك القصائد وتصنع بيتًا بلا أبواب، مفتوح دائمًا، ولا يدخله سوى الشعر.