30 سبتمبر 2017

ما توقف في تشرين




واحد وعشرون عامًا وأنا استيقظ متأخرة عن موعدي كل يوم، لأجد أمي التي سبقتني إلى النهار كعادتها توقظني وتطلب مني أن أغسل وجهي حتى تعد لي الإفطار ، إن لم تكن قد أعدته مسبقًا.
وأتمنى لو أن للعالم أم، مثلي .. تخبره أن يغتسل كل صباح هكذا، كأنها تخشى عليه من اتساخ روحه مما يحدث داخله.
لو أن للعالم أم مثل أمي .. تملك من القوة قدر ما تملك من الحنان .. لعلمته أن يغسل قلبه كل يوم، ليتطهر من الدماء التي أغرقته .. ويتوضأ من أخطاءه.
فماذا لو كان من ضمن الوضوء أن نطمس قلوبنا في الماء حتى نشعر بالنقاء ..
لو أن للعالم أم حازمة.. لقومته، ووبخته على ما يجري،، وربما قست عليه فتعلم منها العدل .. لو أن للعالم أم حنون كأمي لرفقت به فاكتسب منها الرحمة ، وزرعت فيه بعض العاطفة التي يفتقر لها.
واحد وعشرون عاما وكل يوم تقول لي أمي حين أستيقظ من النوم: “اغسلي وجهك لأحضر لكِ الإفطار”.
تتحسس وجهي كل يوم لتتأكد من صحتي، ومن خلوه مما لطخه به فحش العالم. إلى أن توقفت فجأة عن مناداتي، ليس لأنها نست أن تستيقظ قبلي كعادتها ..  إنما لأنها غفت إلى اﻷبد.