منذ وقت ليس بالهين، لم يعد بامكاني أن أحارب لأجل أي شيء مجدداً في الحياة. على الأقل ليس بمثل نفس التكريس والإصرار في صباي. لقد حاربت بالفعل لأجل مسارات وأشياء عديدة إما خذلتني بعد كل ما بذلت لأجلها، أو كان بعضها خاطئاً ومضللاً، حينها تكتشف أن حربك المخلصة لأجلها لم تكن الخيار الصحيح، وأن الخيار الصحيح أحيانا قد يكون في الانسحاب بعيداً أو الانتظار أو الصمت. أو فقط أن لا تفعل شيء. اكتشفت أيضاً أنني أمضيت حياتي في مقاومة اختيار: ألا افعل شيئاً، وكأنني مضطراً دائماً لفعل شيء ما. من هنا، أعتقد أنني استنزفت نفسي حتى انتهت طاقتي لخوض معارك جديدة حتى لأجل بعض حقوقي أو أحلامي أو لأجل الحياة. وأظن أنني لم أعد راغباً حتى في خوض معركة لأجل شيء مهما كنت راغباً به ومؤمناً به أو مخلصاً له. ليس فقط لأنني قد فقدت طاقتي، أو رأيت الحزن يمر من داخلي في كل مرة خذلتني الأشياء التي تمسكت وحاربت في صفها واعتنيت بها، بل الحقيقة أنني فقدت شجاعة ومغامرة دخول معركة أعرف أنني قد اخرج منها مهزوماً وخاسراً ومضللاً عن الحقيقة. فالحياة تعلمنا مع الوقت أن الأمل لا بد له من بعض الاحتراس، وألّا نتصرف وفقاً له وحده. الانسان يصل لوقت لا يستطيع فيه المقامرة مجدداً بما تبقى معه من نفسه أو رصيده من أي شيء. في الماضي، لطالما كنت أعتني بالأشياء وأصب لها كامل صدقي وحبي واهتمامي وإخلاصي على أمل البقاء، بينما الآن، ينبغي للأشياء التي تريد البقاء حقاً.. أن تعتني بي بدورها أيضاً.
في مرحلة ما من الحياة، على الأشياء التي تود البقاء أن تعتني بنا بعد أن اعتنينا بها طويلاً. على الحياة والآخرين والأشياء والأحلام أن ترعانا، كما فعلنا ورعيناها طويلاً كما يجب، ولم ندخر جهداً.
أعتقد أننا حينها نكون قد تعرفنا على الاستقرار.. وتعلمنا التصالح مع أحلامنا.. بمجرد أن نتوقف قليلًا عن المحاربة أو القلق لأجل الأشياء، وننعم بوجودها وإخلاصها في البقاء من تلقاء نفسها.