لا يؤلمني الكذب أبدًا كالآخرين.. تعرف؟..
لا أذكر مرة غضبت أو استأت فيها من شخص مقرب أو غريب كان، لأنه يكذب.. لمجرد أنه يكذب، أنا أغفر الكذب دائمًا، أفهمه وأمارسه كذلك وأغفره. أفهم أن الناس تحاكم الأكاذيب وتعلق لأصحابها المشانق، لكني أفهمها، أتفهم أنها محاولة نجاة أحيانًا، لمسة تجمل أحيانًا أخرى، ومحاولات هروب من فداحة الواقع أحيانًا أكثر. أتفهم أسبابهم ولا أنشغل بتبرير حقهم في ذلك لنفسي أو للعالم أصلا. هناك نوع واحد فقط من الكذب، يجرح دائمًا من الآخرين، وبخاصة المقربين لقلوبنا منهم، يجرحني بالأخص، نوع كنت أتوقف عنده قليلًا أو طويلًا، بحسب ما يحمل من معان داخله، أتوقف قبل أن أعرف كيف أغفره على نحو مناسب ولائق بأن يكون طيبًا.. الكذب عليك فيما يخصك انت. فيما يخص شأنك، فيما يخص مجالكما معا، فيما يخصه تجاهك، فيما يخص عالمك الداخلي وأفكارك التي شيدتها، والتي يحدث أن يكون أحدهم جزء منها.. الكذب الذي يحيلك للتخبط والشك بعد منح الأمان في أي رابطة أو طريق، الذي يشبه التلون والتقلب المخيف لمن يعيش جوارك داخل بيتك، يصبح مثير للخوف من العالم أجمع، لأنه يقول الكثير أو القليل عن قيمتك لدى أي شخص في أي رابطة، وحقيقة ما يكنه لك، يقول عن القريب ويقول عن الغريب، وبالأخص عن الصديق، أو الأقرب منه، لأنه كذب يخصك. أنا أمارس الكذب كثيرًا، وأغفره دائمًا.. ولكن، ذلك النوع من الكذب، فقط، كان يخرج عن سيطرة مغفرتي ورحمتي ولو لبعض الوقت، كان يجرح.