3 أكتوبر 2018

الخاسر يربح دائمًا



أخبرت الغريب أنني لا أخسر شيئًا لأنني أواجه كل شيء بالخيال والفن. أفلام الموجة الخيالية والكتب على الأرفف وحواديت المساء واللوحات التي تحيط بي تلك تجعلني أدير هذا العالم، أنا سيدة عالمي. كلما تمادى العالم في بذاءته كنت أصنع شيئًا جميلًا أو أداعب فنًا جديدًا، هكذا حين تأتي الخيبات إليّ أصنع منها لوحات، بيوت وقصص وقصائد وسلالم أصعدها لعالم آخر، هكذا حين أخسر أظل جميلة ويظل الفن سرب حمام يسكن أسفل أزرار قميصي، أفك الأزرار ليلًا ليطير، وأبكي لأني خاسرة، وفي الصباح يحط الحمام مجددًا تحت قدميّ.. ومعه كل شيء لأملكه فأعرف أني ربحت.
الخاسر يربح دائمًا لأنه يصير حرًا من الانتماء.. والخاسر لديه كل شيء لأنه لا يدين لشيء.
أهزّ حصّالتي المعدنية وحين أسمع صوت خشخشة في الداخل أطمئن. لا أجمع النقود أو الطوابع، بل الخيبات والندوب في روحي، أكتب الكلمات الحادة والقاسية التي قيلت لي على ورقة وأضعها في الحصّالة، أدوّن الجروح من أيدي الآخرين والذكريات التي تحمل سكينًا لي على ورقة وأضعها في الحصّالة، كل يوم أنا أغنى من قبل وحصّالتي تكبر معي، وذات يوم سأصبح أغنى منهم جميعًا، لدي كل الكلمات الحادة التي أستطيع بها أن أفتح جراحهم القديمة بواسطة "نصّ" صغير لديه كل شيء لأنه خاسر.