3 سبتمبر 2018

ننظر كثيرًا إلى الأبواب المغلقة

في حفلات أم كلثوم كان الكل ينظر اليها بحب، لكن القصبجي الذي كان يعزف وراءها كان ينظر لها بحب أصدق، حب مرتاب ومعاتب وشكاك ومخلص.. كان يستدعي قلبها أكثر وأصدق مما يفعل الآخرون.. القصبجي الذي لا يحبها حبًا مبررًا لأجل إلهامه كالشاعر، ولا حبًا مشروطًا لأجل فنها كالجمهور، ولا حبًا زائلًا ككل من أحبوها ومضوا.. ماذا لو أنها في إحدى تلك الحفلات أعطت الجمهور ظهرها والتفتت إليه.. لتغني له وحده.. أعتقد أن ذلك كان سر نظرته الملحة الدائمة إليها.. كان ينتظر أن تستدير نحوه. وترى. كم واحدًا في حياتنا ينتظر أن نستدير لنراه.. في حين أننا منشغلون بمن استداروا ليرونا.. ومن لوّحوا لنا بإلحاح لنقترب، ثم استداروا فجأة عند اقترابنا. ننظر كثيرًا إلى الأبواب المغلقة.. والأيدي المخادعة.. بحيث لا نرى الأبواب التي فتحت لنا. والأيدي التي بقت بانتظارنا. الأيدي ذاتها التي لن تنسحب قبل أن نصل.. وستبقى للعناق. الأبواب التي تطل على البيت.. والأيدي التي غايتها الحقيقية أن تشتبك للسير معًا.