تعودت على إنهاء قراءة الكتب التي أحب في الخارج، في مقهى محبب أو حشائش حديقة منعزلة، مكان مفضل يطل على البراح أو الماء ولا بشر. كل ما أحتاجه هو أن أتأكد أنني أملك نقوداً كافية لأن أذهب إلى هناك، ومزاجاً متماسكاً كفاية. ليس سهلا عليّ أن أختم شيئاً أحبه دون أن يكون ثمة ضجيج حولي يجعل التأمل في الأمر غاية في الصعوبة. اليوم، كان هناك شابًا التقط لي صورة وانا أقرأ دون أن يطلب الإذن مني، لم أشعر الا بضوء الكاميرا وهو يغمرني، وحالما رفعت رأسي لأتحقق من الأمر كان قد هرب بعد أن نظر إليّ مطولًا، وتحرك متسرعًا في آن. صورني وأنا أنتهي من كتاب ما أحبه، والله العالم في أي زمان ومكان سأشاهد هذه الصورة بذهول قد لا أقوى على سداد نفسي عنه. ترى لماذا يهربون أولئك الذين يثقون بأننا نستحق أن نكون في صورة يحتفظون بها! لماذا يهرب إنسان كان جادًا حيال اللحظة للدرجة التي يسعى فيها لأن يتمسك بها لزمن قادم دون أن تفهم أسبابه.
تساؤلات عبثية لا تبتعد كثيرًا عن سؤال وحيد طويل.. لماذا لا يأتي الحب كما نريده أن يكون، وحده، دون اختلاس، أو مقدمات ترويجية، ودون ندبات.
ذات مرة حاول رجل عابث تقديم هوسه الخاص المسمى حبًا بالخطأ، لي.. ابتسمت وأخفيت عنه الحقيقة التي أعرفها: انت أجبن كثيرًا من أن تحبني، وأجرأ من أن تتركني وشأني.
كصاحب الصورة الذي كان أجبن من مواجهتي عند التقاطها، وأجرأ من استئذاني في انتهاك خصوصيتي.