2 يناير 2016

عن سرعة العطب .. تلك




أحيانا لا أعلم .. أو بالأحرى لا أصدّق .. أن يدى النحيلة المستقرة بدفء وتيه هادىء فى تجويف يديك عندما تأخدها بين أصابعك عند السلام ؛ هى ذاتها يدى التى تحرر الأكاذيب التى لا اقتنع بها فى السياسة وتضطرنى دراستى للتورط بالتعرض لها ؛ ولا هى يدى التى تدوّن أقوال المصادر التى لا أصدق ولا واحدة منها لولا أنها مهمتى حتى أنتهى مما يسمى بمشروع تخرج .. كيف تقابل يداى التى تورطت رغمًا عنها بتدوين كل ذلك الكذب صدقًا بحجم صدق يديك عندما تتحولان لضفتىّ محارة طيبة تحتضن بداخلها أصابعى النحيلة بكل ذلك الحنان !! قبل أن تنظر فى عينى بمحبة تشبه العناق المفتوح.
هل هى ذاتها يدى التى تعجز عن الطيران بى والتحول الى جناح يرحل بى بعيدًا فى لحظة يقسو بها العالم على قلبى .. هى ذاتها الدرع الضعيف الذى أحجب به ضوء الشمس الحارق عن عينىّ الحساستين بصدٍ بالغ ؛ أو منظرًا مؤلمًا للدماء بالشارع قادتنى اليه قدماى قبل ان تسخر زميلتى كالعادة بينما ألملم احراجى المتكرر "لو كل مرة هتشوفى نقطتين دم هتدوخى اومال ازاى هتبقي صحفية" .. !
او هى ذاتها يدى التى صفعت بها نفسى بقسوة بالغة يومًا ما كأى مجنونة غريبة الاطوار أمام المرآة ! .. وفقط لأننى سمحت لنفسى بأن أبدو ضعيفة ومنكسرة أمام الآخرين يومًا ما عندما حزنت حزنًا خارجًا عن سيطرتى !
نعم لقد فعلت ذلك يومًا فيما مضى ؛ وأنا فتاة مكابرة .. مكابرة أكثر من الحد المسموح بتصوّره؛ ولا أحد عرفنى جيدًا ولم يعرف ذلك عنى .. لأننى أخشى المساس بهشاشتى كلما نضجت ؛ أى كلما ازدادت .. لأنها تكبر معى كلما كبرت قليلًا !
تلك الهشاشة التى لا أخشى الشعور بها عندما أشعر بحرارة يديك حول يدى تضغطها باحتواء ومحبة .. و .. سَلام ؛ يغمر قلبى قبل يدىّ.
هذا الصدق البالغ الذى يحرر قلبى من خزانته البعيدة ليستقبلك بالداخل هو ما يحرر هشاشتى معك ..
أنا قوية فى حياتى .. ولكننى هشة فى قلبى ، وأنا سيدة نفسي جدًا .. الا فيما يتعلق بعاطفتي.
ولذلك أكتب بـ"وهنٍ ناعم لا يخشى الافصاح عن نفسه" كما أخبرتنى ذلك اليوم ونحن معًا.
أنا أكتب بوهنٍ كبير .. لأن قلبى هش ودافىء رغمًا عنه رغم صلابتي الخارجية ، ولأن روحى حية أكثر مما كان ينبغى لها أن تكون. وتلك أحد أسبابى الكثيرة فى بناء الجدران الشائكة حول قلبى ، دون أن أراهن به على طاولة الآخرين ببساطة ، أو أن أحرر عاطفتى أمامهم بسهولة .. دون خوف عليها ؛ كما أخاف المساس بنبتتى الخضراء تمامًا .. كأى شىء سريع العطب والتأثر.
نحن مضطرين لاخفاء هويتنا العاطفية، مادام العالم يضجّ بالقتلة ! .. كي لا يصاب القلب برصاصة تدميه اذا ما سقطت دفاعاته أمام كل الكلمات الجارحة والخيبات والخذلان وأوجاع المارّين التي يفرغونها فيه ؛ لذلك نادرًا ما يعلم أحدهم شيئًا عن عاطفتى تلك الا عندما أكتب وأبوح بها ؛ ما لم يكن شخصًا خارقًا للعادة بحياتى ..
والحق أننى لذلك أيضًا لازلت أنتظر ؛ رغم انكارى ! أو مكابرتى .. أنتظر الرجل الوحيد الذى سيمكننى أن أقول عنه بحرية وشغف ودفء ، "منذ التقيته .. أصبحت هشاشتى أمرًا أرتاح له ؛ أمرًا طيبًا .. يمكننى فضحه متى شئت أمامه دون خوف"
.