8 يناير 2019

الطبخ والكتابة

لغة الكتابة هي أحد مفردات المطبخ.. والطبخ قد يصير نوعًا من أنواع الكتابة. لأن الكلمات أيضًا تطبخ بدقة ولها توابلها الخاصة ومقبلاتها الأخص. أرى حساسية الطبيخ ودفء اليد في العجين نوع من الحكايا السحرية التي لا تنتهي رحلتها بالمخيلة. أحب الكتابة عن الطعام.. الطعام الذي لا يستقر في المعدة تحديدًا، بل ذلك الذي يعيش في الذاكرة. في مجموعة سابقة ذكرت قصة تدور من داخل مطبخ امرأة وحيدة يخترقه صوت بويكا، وقصة عن قائمة طعام كانت سببًا للوقوع في الحب.. وفي المجموعة الثانية كتبت عن الفتاة التي تحول قلب أمها إلى معجنات ساخنة بطعم حنانها، وعن المرأة التي صنعت كعكة حزينة من رفات زوجها. الطعام ليس بلا ذاكرة. هناك لغة للطعام لا يدركها الجميع بالضرورة، يدركها من يلتقط العاطفة بداخله لتلك اللحظة.. الرائحة التي تبقى على طاولة ما لتخلد حدثًا، والشعور الذي تلتقطه الفتاة الصغيرة في طبقها بالحزن الذي كان يسري في أصابع والدتها وهي تعد وجبتها، الملح الذي يختلف طعمه عن ملح الطعام في صلصتها، ملح دموع أمها في المطبخ. للطعام ذاكرة ولغة، تترجمها أيضًا الكتابة كما تترجم العديد من الأشياء التي لا تملك صوتًا. والحياة بشكل ما، تنتمي إلى هناك، حيث تصنع نكهاتها وتفاصيلها بأيدي امرأة على مائدة مطبخ وبمقادير حساسة.
العالم بأكمله، يبدأ وينتهي على طاولة المطبخ.