7 ديسمبر 2018

من مسلسل الغضب



أحيانًا أنا لا أشعر بالحزن فقط. أنا أشعر بالغضب، الغضب الصامت الذي لا يعرف شكلا في نهاية تأججه سوى الدمع او صمت أكبر. ربما ينام جسدي طوال اليوم لأنني غاضبة ولا أملك صنع شيء، وليس فقط لأنني حزينة. أشعر بالغضب لأن كل قطط الشارع الصغيرة دهستها سيارة دون قصد، الغضب لأن متسولة الشارع تحمل طفلة أعرف أنها ليست ابنتها وتشوهها لتسرق عمرها ونقود الغرباء. الغضب كلما مات شخصًا أحبه أو أعرفه أو لا أعرفه دون حق في اختيار موته. أشعر بالغضب بسبب الرجل البشع الذي تبول بالشارع في وضاعة ووحشية ضاحكا أمامي بينما أعبر الطريق باكية موت شخص رحل دون حق في سؤاله للبقاء. بينما يبقى هؤلاء الوحوش وسطنا بكل مكان. وباكية لأنني امرأة طيبة تحمل جسدًا يدينها ويعرضها للخطر والألم والأذى في هذا العالم الفج. وتحمل حتى رخصة غير مرغوبة لتكرههها وتؤذها مخلوقات أخرى. الغضب لأن أهل بلادي لا يستطيعون وضع رؤوسهم على الوسادة ليلا دون حصة يوجهونها من الأذى الغير مبرر لمن يعبرون الشوارع دون أي أذى. لأن ما من يوم يمر علي في تلك البلاد لا أكره فيه الخروج من عزلتي الغير مخدوشة لوحشية قلبها وناسها. الغضب كلما دفعت المرض محايلة من دم والدي لكنه لا يزال هناك ويخرج لسانه لي. الغضب لأني ولا مرة أذيت من يوجه لي الأذى لكي يملك سببًا. الغضب لأن الله يصمت أمام كل ذلك بالأساس بينما صوته هو الأعلى. أشعر بالغضب لأنني خلقت في هذا العالم. هذا العالم لا يصلح للحياة، لا يصلح لمن هم مثلي ينتظرون من الآخرين دائمًا أن يحملوا قلبًا لينًا مثلهم. أو أن يعاملونهم فقط بالمثل. لا يصلح للأطفال الذين سيكبرون ليصبحوا وحوشًا آخرين، لا يصلح للشِعر الذي يبكي يوميا ويتخذ شكل الحزن، ولحيوانات الشوارع الضالة التي لا ترغب سوى بأن تعيش في سلم. لا يصلح للمرضى، هذا العالم يقتل متلذذا بالألم دون مرض. لا يصلح للمرضى. لا أنا ولا الطفولة ولا قطط الشوارع ولا الشعر ولا النائمون على الأرصفة تحت البرد كنا نصلح لهذا العالم. ربما لذلك ننام حتى يغمض العالم.