في مزاد قريب بيعت إحدى لوحات الفنان بانكسي الشهيرة "فتاة البالون" بمبلغ ضخم ثم قامت اللوحة بتدمير نفسها فور بيعها بزمن قصير. بشكل شبه مؤكد قيل أن بانكسي هلل للأمر واعترف سرًا بأنه قام بإعداد اللوحة بحيث تدمر نفسها بعد بيعها. بشكل ما أعرف شعور بانكسي.. فأنا نادرًا ما أفرط في لوحة خاصة لو من صنعي. وحتى ولو كانت مجرد محاكاة - بمعنى لوحة أخرى منسوخة عن عمل آخر لفنان آخر - لأني رسمت العديد من أعمال المحاكاة. من أكثر ما يضايقني أن يحصل على رسوماتي من لا يستحقها. وأذكر أني ذات مرة قطعت معرفتي بأحدهم وحين حدثني صديق كان كل ما علقت به أنه شخص لا أبالي بمعرفته بالمرة وكل ما يضايقني أن لديه لوحة لي أغار عليها هناك ولا أشعر انها بأمان مع مثله. ومرة أخرى رسمت بورتريه لأحدهم تحت إلحاح ومنحته له على مضض لأني لا أحبه كفاية ولا أقدره كشخص، ومن بعدها قررت ألا أفعلها مجددًا وأرسم أي شخص دون رغبتي الحرة ومحبتي الخالصة. أنا أنانية وتملكية للغاية تجاه الفن. وأعرف كيف يشعر فنانًا أنانيًا تجاه فنه. يخاف عليه ويغار نحوه. لا أشعر بأن لوحاتي أو اللوحات الأخرى غير الأصلية التي أملكها برغم كونها غير أصلية قد تكون بمأمن وراحة مع شخص سواي. أو قد تجد طمأنينتها في بيت سوى بيتي. أفهم أنانية بانكسي تجاه فنه، لكني لا أفهم شيئًا واحدًا. كيف لفنان أن يتحمل قلبه تمزيق إحدى لوحاته، كيف يقتل لوحته بنفسه. أفهم غيرة الفنان لكني لا أفهم الانحراف في الحب. مثلما أفهم غيرة المحبين وهوسهم العاطفي لكني لا أفهم الشك والحصار والرغبة في تدمير وإيذاء الحبيب ما لم نحصل عليه لأنفسنا. هذا ضرب من الجنون بالتأكيد. لو أن لي لوحة أرغب بألا تغادرني لشعرت بما شعر بانكسي بالتأكيد، لكني لن أقو على قتلها. لكنت منحتها أقدامًا سحرية ومسدسًا تصوبه نحو من يعترض طريقها او يمسسها بأذى، وتمشي على أقدامها لتعود لي مجددًا. فقط لتعود لي.
10 أكتوبر 2018
فتاة البالون
في مزاد قريب بيعت إحدى لوحات الفنان بانكسي الشهيرة "فتاة البالون" بمبلغ ضخم ثم قامت اللوحة بتدمير نفسها فور بيعها بزمن قصير. بشكل شبه مؤكد قيل أن بانكسي هلل للأمر واعترف سرًا بأنه قام بإعداد اللوحة بحيث تدمر نفسها بعد بيعها. بشكل ما أعرف شعور بانكسي.. فأنا نادرًا ما أفرط في لوحة خاصة لو من صنعي. وحتى ولو كانت مجرد محاكاة - بمعنى لوحة أخرى منسوخة عن عمل آخر لفنان آخر - لأني رسمت العديد من أعمال المحاكاة. من أكثر ما يضايقني أن يحصل على رسوماتي من لا يستحقها. وأذكر أني ذات مرة قطعت معرفتي بأحدهم وحين حدثني صديق كان كل ما علقت به أنه شخص لا أبالي بمعرفته بالمرة وكل ما يضايقني أن لديه لوحة لي أغار عليها هناك ولا أشعر انها بأمان مع مثله. ومرة أخرى رسمت بورتريه لأحدهم تحت إلحاح ومنحته له على مضض لأني لا أحبه كفاية ولا أقدره كشخص، ومن بعدها قررت ألا أفعلها مجددًا وأرسم أي شخص دون رغبتي الحرة ومحبتي الخالصة. أنا أنانية وتملكية للغاية تجاه الفن. وأعرف كيف يشعر فنانًا أنانيًا تجاه فنه. يخاف عليه ويغار نحوه. لا أشعر بأن لوحاتي أو اللوحات الأخرى غير الأصلية التي أملكها برغم كونها غير أصلية قد تكون بمأمن وراحة مع شخص سواي. أو قد تجد طمأنينتها في بيت سوى بيتي. أفهم أنانية بانكسي تجاه فنه، لكني لا أفهم شيئًا واحدًا. كيف لفنان أن يتحمل قلبه تمزيق إحدى لوحاته، كيف يقتل لوحته بنفسه. أفهم غيرة الفنان لكني لا أفهم الانحراف في الحب. مثلما أفهم غيرة المحبين وهوسهم العاطفي لكني لا أفهم الشك والحصار والرغبة في تدمير وإيذاء الحبيب ما لم نحصل عليه لأنفسنا. هذا ضرب من الجنون بالتأكيد. لو أن لي لوحة أرغب بألا تغادرني لشعرت بما شعر بانكسي بالتأكيد، لكني لن أقو على قتلها. لكنت منحتها أقدامًا سحرية ومسدسًا تصوبه نحو من يعترض طريقها او يمسسها بأذى، وتمشي على أقدامها لتعود لي مجددًا. فقط لتعود لي.