في الحقيقة
أكثر ما نخشاه من الآخرين، هو انتقالهم من كونهم غرباء لكونهم أصحاب منزل بالروح ثم عودتهم غرباء مجددًا عنا.
وأكثر ما نخشاه من الغرباء، أن نعري أرواحنا أمامهم، أرواحنا الهشة الساكنة، ويلطخونها، أو ينظرون تجاهها باستهانة، أو يغادرونها بكامل عريها أمامهم، تاركين فقدًا أو ألمًا في محل فارغ جديد لم يُملأ من قبل.
على الغرباء أن يظلوا غرباء.. وليس أن "يعودوا" غرباء. عليهم ألا يمروا بنا من البداية.. وألا يقتاتوا على أرواحنا قبل بناء جدران من النكران تسكنها وحوش محتملة.
على الأصدقاء أن يُدفنوا أماكنهم، دون أدنى خطوة تغير ملامحهم القديمة التي ظننا أننا تعرفناها يومًا.. وعلى الأحبة أن يشفّوا أرواحنا بصدق كبحر لا يغير أمواجه لا مباليًا بأهله وإلا فلا.
على الغرباء أن يظلوا غرباء.. ما لم يتعلموا أن يسيروا بجانبنا، لا أن يسيروا علينا.
في عالم كهذا.. صار أقصى ما نريده من الآخرين، هو أن يظلوا آخرين.