28 أبريل 2018

الاغتراب جزء لا يتجزأ من التصوير.




أن تلتقط صورة لشيء يعني أنك تستولي عليه، تستولى على الحياة المفعمة بالتفاصيل في تلك اللحظة وتحتفظ بها للأبد. في التصوير كما في الكتابة، نحاول فقط أن نجعل الزمن يتوقف عند لحظة معينة. نحاول أن نحتفظ بتفاصيل الذاكرة. بالأشياء التي تنتمي إليها، والعالم الذي تحاول صناعته لنفسك.

في حين يقتل الناس الحقيقيون أنفسهم أو يقتلون آخرين، فإن المصور يقف وراء الكاميرا، ليخلق حياة جديدة من لحظة واحدة انقضت، عالم حي من عالم آخر في طريقه الى الفناء: عالم الصورة التي ستبقى بعد أن نفنى جميعًا. الحياة الصامتة المفعمة بالجمال، التي تكتشف الجمال حولنا وفينا، وتمنحنا تأمين "ديجيتال" على الحياة.. فنلجأ يومًا بيوم إلى الديجيتال كمكان أخير للاختباء من خطواتنا المحتمة الى نهاياتنا.

حتى التصوير غربة، هذه هي الحقيقة.. وباب آخر موارب في جرح الذاكرة للخروج وقت الحاجة، نتمنى الذهاب منه بلا عودة. كعصفور يخبط جناحيه ذات اليمين وذات الشمال للخروج من القفص.

الخيال هو ابن الاغتراب الحي، كل هذا التخيُّل الذي نملكه وننطلق بداخله كنفق أخير للهروب من الواقع قد يأخذ شكل الكتابة أو الحب أو الموسيقى أو الحلم .. والفن، أكثر من أي شيء.
الغربة في كل ما حولنا.. حتى الصور التي تتخطى زمنها.

الغربة في كل شيء، حتى انك لا تستطيع الهرب منها ولو إلى داخلك.