أنا امرأة لطيفة في وحدتها. لديها نقاط ضعفها، تجاه الطفولة والمخلوقات الصغيرة والنباتات والشِعر، تميل للعزلة بدافع الحفاظ على ذلك اللطف من العطب وليس لتحويله إلى قسوة. تدفع الآخرين عن مساحتها برفق كي لا يبعثروا كل ما رتبته على مهل من سلام. يقول كافكا: "أستمر في العيش وحدي، لكن عندما يصل زائرٌ ما، يقتلني." هكذا، اعتدت على أن أغلق الأبواب على نفسي، ثم أعيد ترتيب ما أفسده الآخرون داخلي. أنا امرأة حساسة، مهما أخفيت حساسيتي عن الآخرين. ويمكن تسجيل هذا كاعتراف لحظي فقط لن أتقبل تكراره.
امرأة هشاشتها لا تتحمل القسوة والإساءة والمقايضات البشرية للوجود، أحيانًا يؤلمني أنني أفهم حين أفعل. بينما قلبي، مريض مزمن بالإحساس المناسب. أنا امرأة صغيرة القد تحب صوت اديث بياف وترقص الصالصا في خلوتها أحياناً، إذا كان مزاجها رائقاً. تعشق الطعام الإيطالي، وتحب بنزق وحنان معًا. وإذا ما عشت معها يوماً، سترى أيضا امرأة أخرى لا تخرج للشارع، ولا ترتدي حزام الأمان لوجهها بالخارج.. تنام وتستيقظ كطفلة، تمرح بحرية كقطة آمنة في رقعة فرائها، وترقص كثيراً منسابة مع الاغنيات، تتحدث أحياناً بحماس وسرعة كطالبة ثرثارة تشرح درسها المفضل، وأحياناً بحنان يخطو على استحياء دافيء، تحب أن تطبخ لمن تحب، وتستمع جيداً لمن تحب، وتزرع النعناع الطازج وتربي أطفال بلا حصر في زوايا البيت.
نعم، أنا امرأة لطيفة وناعمة القلب خلف الستائر، وخلف أسلاكها الشائكة. والطريق المحفوفة بالألغام تقف في نهايتها غزالة خائفة، ترفض لغة الأسلحة. ليست القسوة من العواطف الصديقة لها، على عكس ما قد تظن تماماً. لكنني لا أطيق ما تبدو عليه ذاتي من عطب مع الآخرين. مع الأشخاص الخطأ من الآخرين، وما يدفعوننا له، وما يصنعونه بنا من ندوب، وما يفسدونه بداخلنا. لا أطيق صوراً لا تشبهني، ولا أطيق الحياة مع صور جريحة عن قلبي. لذلك قد أفضّل كل شيء على غابات البشر. وهذا كل ما في الأمر.