8 ديسمبر 2014

عقيدة القطط



القطط تمنح الحب، الكثير من الحب.. في الوقت الذي يناسبها. ويناسب الحب. القطط لا تقترب ممن لا يقدر اقترابها. والقطط تغادر من لا يعرف كيف يلاطف روحها، ومن لا يعرف كيف يحب القطط.
والقطط تتخلى عن فرائها الناعم وتشهر مخالبها وتصبح نمرة إذا ما لزم الأمر.. حين تتعرض للتهديد والأذى.
بعكس ما يشاع عنها، فهي ليست غادرة كالأسود.. أو كائن يتغذى في منزلك بلا قيمة كالعصافير، أو منخفضة الذكاء والحركة كالسلحفاة، أو تعيش وفق مصلحتها كالزواحف. ومع ذلك تتعرض للوم عن خصالهم هم، لا يتعرضون له جميعًا. القطط وفية وبيتوتية لكن وفاءها اختياري، تمنحه لمن يستحقه ومن تختاره، من الأشخاص والبيوت.. ناعمة ودافئة لكنها حيوانات متسيدة تحترم المساحات المتفاوتة، ومعتزة بجمالها، ومدللة، تمامًا كالأطفال، ترفض التملك المطلق والملازمة حد الاختناق، وتحب الحنان في وقته، واللعب في حينه، وهي تطلب رعايتك وحبك، كطفلك.. والأطفال أقرب من يمكن للقطط التشبه بهم.
فإذا كانت حاجة الطفل للرعاية والحب والغذاء تسمى مصلحة، ولعبه البريء وشقاوته الفطرية يسمى غدرًا، وجهله بأبسط مباديء الإنتماء لقصوره العقلي وقدراته المحدودة يدعى إنكارًا للجميل.. فالقطط كذلك.
القطط تمنح الحب، الكثير من الحب.. وبلا مقابل.. لكنها تختار لمن تمنح الحب. كما يفعل الطفل. القطط سيدة نفسها، كالإنسان الحر، لها عالمها، لن تقبل بمجرد الجلوس تحت قدميك.
القطط لا تطلب. انها توافق على الأخذ، أو تنسى الأمر برمته. ولا تفكر إن كانت جديرة بشيء يقدم لها.. القطط تفكر ألف مرة فيما يمنح لها، إن كان مناسبًا لها أو جديرًا بها.